فنون التسويق الإلكتروني الناجح يعتمد على استراتيجيات نفسية مدروسة تؤثر على العقل اللاواعي، وهذا يجعل قرارات المشتري تبدو وكأنها نابعة من رغبته الحرة، بينما هي نتيجة تأثيرات خفية مدروسة، فذات يوم جلس “رامي ” أمام شاشة هاتفه يتصفح متجر إلكتروني مشهور، وفي الحقيقة لم يكن بحاجة إلى شراء ساعة ذكية، لكنه وجد نفسه يضغط على زر اشترِ الآن بدون تردد، فلماذا فعل رامي ذلك وهل كان قراره عقلانيًا أم أن هناك شيئا دفعه لاتخاذ القرار في الحقيقة رامي مثل ملايين المشترين حول العالم، وقع في فخ الحيل النفسية المستخدمة في التسويق الإلكتروني لإقناع العملاء بالشراء، وفي هذا المقال سنعرف كيف تؤثر هذه الحيل النفسية على قرارات الشراء وسنضع لك تحليل علمي دقيق.
اوهم المشتري بندرة المنتج
هذا الأسلوب يعتمد على ما يُعرف باسم نظرية الندرة (Scarcity Principle) في علم النفس وطرحها العالم روبرت تشالديني في كتابه الذي بعنوان التأثير، فعندما يعتقد الإنسان أن شيئًا ما نادر أو محدود، فإنه يمنحه قيمة أكبر من اللازم بشكل تلقائي وذلك لأن الدماغ البشري مُبرمج على اغتنام الفرص وعدم تضييعها، وهذا يدفع المستهلك إلى الشراء بدون تردد أو تفكير في الأمر
يُستخدم هذا الأسلوب في التسويق من خلال إظهار عدد ضئيل من المنتجات المتوفرة، واستخدام عبارات مثل ألحق العرض سينتهي بعد ساعة أو استمتع ب 50% خصم لأول 100 عميل فقط أو وضع عدّاد تنازلي للوقت المتبقي على انتهاء العرض ونفاذ فرصة الشراء وقم بنشره على المتجر الإلكتروني.
فبينما كان رامي يتصفح المتجر الإلكتروني لاحظ منتج لفت انتباهه علامة تحذيرية مكتوبة باللون الأحمر تبقّى 3 قطع فقط لا تفوّت الفرصة واشتري الآن.
في هذه اللحظة شعر بإحساس غريب، وكأنها فرصة ذهبية على وشك الضياع من يديه ورغم أنه لم يكن ينوي لشراء الساعة إلا أن فكرة ندرة المنتج دفعته لاتخاذ القرار فورًا.
أثبت للجمهور دليل اجتماعي
هذا الأسلوب يعتمد على الدليل الاجتماعي (Social Proof)، وهو مفهوم العالم تشالديني أيضًا، وأوضح فيه أن الناس يميلون لتقليد تصرفات الآخرين، وبالأخص في المواقف التي يكون فيها القرار غير معلوم السبب، فعندما يرى المستهلك أن هناك منتج معين يحظى بشعبية كبيرة، فإنه يطمئن لجودة المنتج ويتشجع لشرائه، هذه الآلية تستخدم في التسويق الإلكتروني من خلال عرض عدد المشتريات على المنتج والتقييمات الإيجابية له، مع الحرص على استخدام عبارات مثل هناك أكثر من 10,000 شخص اشتروا هذا المنتج، وقم بإضافة تعليقات العملاء وآرائهم الإيجابية للتأكيد على جودة المنتج.
فبعد أن اشترى رامي الساعة الذكية، لاحظ قسمًا في المتجر الإلكتروني بعنوان المنتجات الأكثر مبيعًا في هذا الشهر، ووجد أن نفس الساعة التي قام بإضافتها إلى السلة ضمن القائمة، هذا جعله يشعر بالراحة وكأنه اتخذ القرار الصحيح لأول مرة في حياته.
ضع سعر مؤثر نفسيا
تُعرف هذه التقنية باسم التسعير النفسي (Psychological Pricing) وتعتمد على طريقة معالجة الدماغ للأرقام، وفي دراسات علمية وجدت أن المستهلكين يميلون إلى قراءة الأسعار من اليسار إلى اليمين، وبالتالي فإنهم يرون 99.9$ وكأنه مبلغ أقرب إلى 90$ بدلًا من 100$، هذه الحيلة النفسية تجعل السعر يبدو أرخص مما هو عليه في الواقع بالنسبة للجمهور، ويمكنك استخدام هذه الحيلة في التسويق من خلال استخدام أسعار تنتهي بـ 9 أو 95 بدلًا من وضع أرقام كاملة، وأظهر السعر الأصلي بجوار السعر المخفض لإبراز الفرق الوهمي، وقم بعرض الأسعار بخط مشطوب باللون الاحمر لجذب انتباه.
فبينما كان رامي يرى المنتجات الأخرى، لاحظ أن معظم الأسعار تنتهي برقم 9، مثل: 99.9$ بدلاً من 100$، وشعر في ذلك الوقت أن السعر يبدو أقل بالرغم من أن الفرق في السعرين هو مجرد سنت واحد.
طريقة عرض مؤثرة على القرار

هذه التقنية معروفة باسم التحيّز للإطار (Framing Effect)، فإنها تؤثر في طريقة عرض المعلومات ويجعلها مفهومة، وذلك لأن الناس يميلون إلى اتخاذ قرارات مختلفة بناءً على كيفية تقديم المعلومات وعرضها، فعندما يتم التركيز على كلمات معينة مثل التوفير يشعر المستهلك بأنه رابح وهذا بالتأكيد سيجعله أكثر ميلًا للشراء من متجرك الإلكترونية، ويمكننا استخدام هذه التقنية في التسويق من خلال التركيز على ما سيكسبه العميل بدلاً من ما سيدفعه، واستخدام عبارات إيجابية مثل احصل على 50% مجانًا بدلاً من ادفع نصف السعر، وقم بعرض الصور والرسومات التي تعزز من الجانب الإيجابي للمعلومات.
بعد أيام، تلقى رامي رسالة ترويجية مكتوب فيتا وفر 20% من هذا المنتج
لكنه لاحظ عرضًا آخر على نفس المنتج يقول فيه ادفع 80% فقط من السعر الأصلي
وبالرغم من أن العرضين متطابقان، إلا أن الجملة الثانية جعلته يشعر وكأنه سيدفع أكثر من اللازم، ففضّل ان يختار العرض الأول.
أجعل العميل ينفق أكثر بدون أن يشعر
هذه الحيلة النفسية تُعرف باسم “تأثير التدرّج” (Foot-in-the-Door Technique)، حيث يبدأ المسوّق في المتجر الإلكتروني بإقناع العميل بشراء منتج صغير، ثم يعرض عليه إضافات أخرى تزيد من قيمة الفاتورة، وبمجرد أن يلتزم العميل بقرار الشراء الأول قبل أن يدفع مستحقاته يصبح مستعدا لإنفاق المزيد وهذه الاستراتيجية تستحدم في التسويق من خلال تقديم عروض إضافية عند الدفع (Upselling & Cross-selling)، وعرض منتجات اسعارها مخفضة لجذب العميل وإغرائه بالشراء.
بعد أسبوع، قرر رامي أن يشتري سماعة لاسلكية، وفي أثناء الدفع، ظهرت له رسالة أضف كابل شاحن سريع بخصم 50%.
ووجد العرض مغريًا، فأضاف وصلة الشاحن، دون أن يدرك أنه أنفق أكثر مما كان ينوي دفعه في البداية.
الخاتمة
وفي حقيقة الأمر التسويق الإلكتروني لم يعد مجرد عرض للمنتجات فقط بل أصبح علمًا دقيقًا مرتبطا بعلم النفس والتكنولوجيا لدفع المستهلك للضغط على زر الشراء، هذه التقنيات ليست سيئة كما يعتقد البعض ولكنها تكشف طرقا توضح كيفية استدراج العقل البشري للشراء عن بعد، فمثلا بعد أن تلقى رامي الاوردر الخاص به فرح كثيرا ولكنه بدأ يفكر هل أنا من قررت الشراء، أم أن المتجر قام بخداعي واصبحت ضحية لاستراتيجيات وحيل نفسية.
الأسئلة الشائعة
ما هي صعوبات التسويق؟
صعوبات التسويق هي عدم الاهتمام بدراسة المنافسين، حيث تعتبر دراسة المنافسين من أهم الخطوات الأساسية اللتي ستساعدك على تجنب مشاكل التسويق الرقمي، فكونك شخص احترافي ويعرف مميزات وسلبيات المنافسين ستعرف كيف تجذب أكبر قدر ممكن من العملاء المحتملين.
من أقوى أنواع التسويق هو؟
أقوى أنواع التسويق هو التسويق عبر البريد الإلكتروني وذلك لأنها تحقق عائد مادي كبير خاصة في حالة استهداف التجار وأصحاب الشركات