لماذا يثق العملاء ببعض العلامات التجارية أكثر من غيرها

في يوم من الأيام دخلت سارة الى متجر إلكتروني جديد لشراء حذاء رياضي، ووجدت تصميمًا جذابًا وسعرًا مناسبًا، ولكنها للاسف ترددت لأنها لم تسمع عن هذه العلامة التجارية من قبل سواء في الإعلانات أو من أصدقائه، و بعد ساعات قليلة ذهبت إلى شركة احذية رياضية عالمية وعلى الرغم من أن السعر كان أعلى إلا أنها لم تتردد في شراء الحذاء فيا ترى لماذا يحدث هذا ولماذا يشعر العملاء بالانتماء لعلامة تجارية معينة ولكنهم يترددون مع غيرها، فالثقة في العلامات التجارية ليست مجرد صدفة بل هي نتاج عمليات مدروسة تفعلها الشركات لتؤثر على عقلية المستهلكين، في هذا المقال سنناقشكم في العوامل التي تجعل العملاء يثقون بعلامة تجارية دون أخرى، من خلال تحليل علمي قائم على دراسات دقيقة وتجارب واقعية.

كتابة قصة تبني الثقة

أطلقت شركة باتاغونيا حملة شهيرة بعنوان لا تشتري هذه السترة وذلك كان في عام 2011، كانت الرسالة وراء هذا الكلام واضحة واضحة جدا فهي تريد ان تقول نحن لا نبيع مجرد ملابس بل نهتم بالبيئة، وعلى الرغم من أن الإعلان يبدو كأن الشركة تطلب من العملاء عدم الشراء منها إلا أن هذا عزز من الثقة في العلامة التجارية، لأن الشركة تحدثت إليهم بصدق.

وذلك لأن العملاء ينجذبون إلى القصص الحقيقية التي تعكس القيم والأخلاق، وذلك طبقت لدراسة أجرتها جامعة ستانفورد وجدت أن المستهلكين ميالين للشراء من العلامات التجارية التي تروي قصص مقنعة بدلاً من تلك الشركات التي تعتمد فقط على الإعلانات التقليدية، فالقصة التي تكون أكثر الشفافية تخلق ارتباطًا عاطفيًا قويًا بينك وبين الجمهور، وهذا يزيد من مستوى الثقة.

لا تخذل عملائك

تخيل أنك تذهب إلى مقهاك المفضل كل يوم وتطلب قهوتك المعتادة، لكن في ي م من الايام ةوجدت مذاق القهوة الخاصة بك مختلف تمامًا من المؤكد انك ستشعر بعدم الارتياح، وربما تبدأ في البحث عن المقهى البديل، وهذا بالضبط ما يحدث مع العلامات التجارية التي تخذل عملائها ولا تحافظ عليهم.

وذلك وفقًا لدراسة نشرتها Harvard Business Review، فإن العملاء يميلون إلى الثقة في العلامات التجارية التي تحافظ على تجربة مميزة في جودة المنتجات أو في خدمة العملاء أو في طريقة التواصل على منصات التواصل الاجتماعي، وعلى سبيل المثال لا الحصر شركة كوكاكولا تحافظ على تجربة موحدة في جميع الأسواق المصرية والدولية وهذا يجعلها من أكثر العلامات التجارية الموثوقة عالميًا.

 الصدق يجذب العملاء

في عام 2015، واجهت شركة فولكس فاغن أزمة كبيرة عندما تم الكشف عن تلاعبها في الاختبارات الخاصة بالانبعاثات البيئية، وحينها فقدت ثقة الملايين من العملاء واضطرت إلى إنفاق مليارات الدولارات في محاولات كتيرة لإصلاح سمعتها المتكررة.

لذلك فالشفافية هي العامل الرئيسي في بناء الثقة مع العميل وذلك حسب دراسة أجرتها Label Insight أظهرت أن 94% من الأفراد المستهلكين هم الأكثر ولاءً للعلامات التجارية التي تقدم معلومات صادقة وواضحة حول منتجاتها فهم يريدون معرفة مصدر المكونات وكيف قمت بتصنيع المنتج وما إذا كانت الشركات تلتزم بالمعايير الأخلاقية ولا تضع أشياء سيئة في المنتج، اما بالتسبة للشركات التي تخفي الحقائق أو تقدم معلومات خطأ وتجاذف بعملائها فإنه من المحتمل ان تفقد ثقتهم إلى الأبد.

تأثير التفاصيل الصغيرة على الثقة

عمر طالب جامعي قرر شراء هاتف ذكي جديد، وبعد مقارنة العديد من العلامات التجارية قرر ان يختار هاتفًا من شركة معروفة بخدمة العملاء الممتازة، وبعد عام واجه مشكلة في الجهاز وحينها اتصل بالدعم الفني وتم حل مشكلته على الفور وهذه التجربة عززت ثقته في العلامة التجارية، وجعلته يوصي اصدقائه بها.

فتجربة العملاء تلعب دورًا محوريًا في بناء الثقة، وذلك وفقًا لتقرير صادر عن PwC، أثبت ان 73% من العملاء يقرّرون الشراء بناءً على تجربة الخدمة التي يتلقونها، فالشركات التي تحسن من خدمة العملاء، وتقدم حلول سريعة، تتفاعل بصدق، فإنها تكسب ولاءً العملاء مدى الحياة.

توصيات العملاء وكلماتهم أقوى من اي اعلان

على الأرجح قد سألت صديقك عن أفضل مطعم في مدينتك ووثقت في رأيه أكثر من أي إعلان تراه على الإنترنت، وذلك وفقًا لدراسة أجرتها Nielsen اثبتت ان 92% من المستهلكين يثقون في توصيات الأصدقاء والعائلة أكثر من الإعلانات التقليدية التي يرونها عبر الانترنت، وهذا هو السبب في أن العلامات التجارية الناجحة تستثمر في بناء عملاء آخرين من العملاء الذين يحبون منتجاتها ويتحدثون عنها دائما، لذلك فإن التسويق عبر المؤثرين وحتى تقييمات خرائط جوجل عبر الإنترنت، كلها أدوات قوية تعزز من ثقة العملاء في المنتج.

هدف أسمى للعلامة التجارية

في عام 2020، أعلنت شركة نايكي عن دعمها لحركة حياة الاسود مهمة وهذا أثار ضجة كبيرة عبر السوشيال ميديا ولكن  رغم ذلك كسبت الشركة الولاء من قاعدة جماهيرية كبيرة تؤمن بالقيم التي تدعمها الشركة فالعملاء اليوم لا يشترون المنتجات فقط، بل يشترون القيم التي تمثلها العلامة التجارية، وذلك وفقًا لدراسة أجرتها Cone Communications اثبتت أن 87% من العملاء يشترون منتجات من شركات تتوافق مع قناعاتهم الأخلاقية والاجتماعية، لذلك فاالعلامات التجارية التي تدعم القضايا بيئية، وحقوق الإنسان والمساواة في المجتمع، يثق فيها الجمهور بسرعة أكبر.

دور التكنولوجيا في تعزيز الثقة

في عصر التحول الرقمي الذي شهدناه، أصبحت التكنولوجيا أداة اساسية في بناء الثقة بين العلامات التجارية والعملاء حيث اصبحت توفر لهم مواقع تحليل البيانات والمعلومات وهذا جعل العملاء يشعرون بأن العلامة التجارية تلبي لهم احتياجاتهم.

فعلى سبيل المثال، تعتمد أمازون على خدمات الذكاء الاصطناعي لكتابة توصيات مخصصة لكل مستخدم بناءً على سلوك تسوقه في السابق، وهذا المستوى من التخصيص يعزز من ثقة العملاء لأنهم يشعرون بأن العلامة التجارية تهتم بما يفضلونه وتوفر لهم تجربة سهلة جدا واكثر كفاءة.

الخاتمة

بناء الثقة بينك وبين العميل ليست عملية تحدث بين ليلة وضحاها، بل هي عملية تحدث نتاج تطبيف استراتيجيات طويلة الأمد تعتمد على الشفافية والمصداقية والاهتمام بالعملاء، وتوصية الجمهور، فالعملاء ينجذبون إلى العلامات التجارية التي تحكي قصة صادقة، تحافظ على الوعد التي قطعتها وتضيف قيمة حقيقية، فعندما تفكر في شراء منتج جديد اسأل نفسك لماذا أثق بهذه العلامة التجارية؟ والإجابة تكمن في الأسطر القليلة التي سردناها لكم قبل وتأكد ان الثقة تُبنى ولا تُشترى.